في مثل هذا اليوم.. عمو رفيق يرحل وتبقى رسالته
منيب ولي الدين

تمرّ اليوم ذكرى رحيل الفنان الكوميدي الراحل رفيق بلعابد، المعروف في قلوب الأطفال والكبار باسم "عمو رفيق"، الذي غادرنا في مثل هذا اليوم 14 جويلية من سنة 2018، عن عمر لم يتجاوز 46 عامًا، بعد صراع صامت مع مرض كبدي أنهى حياةً نذرها للبسمة وللطفولة، وترك خلفه فراغًا لا يسدّه الزمن.
ولد رفيق بلعابد في 25 جانفي 1971 بحي واد الذهب في عنابة، ونشأ على وقع الحلم والحسّ الإنساني المرهف، ليخطّ مساره في قلوب الناس قبل أن يخطّه في دفاتر الفن. لم يكن فنانًا عابرًا، بل كان صوتًا ضاحكًا في عالم الصغار، ويدًا حانية تربّت على أكتافهم من خلال مسرح الطفولة وعروضه البسيطة، التي كانت تنضح بالعفوية والفرح.
انطلقت مسيرته من جمعية الشهاب للفنون الدرامية، التي كان أحد مؤسسيها، ليصبح لاحقًا سفيرًا غير متوّج للطفولة، يجوب المدارس والساحات والمهرجانات، ينشر بهجته ويعالج بالضحكة وجع العالم الصغير. لم يكن بحاجة إلى أضواء لامعة ولا إلى شهرة صاخبة، كان يكفيه أن يرى طفلًا يبتسم، أو أمًّا تلوّح له شاكرة، ليشعر أن رسالته اكتملت.
وفي صمت لا يشبه ضجيج العروض، غادر "عمو رفيق" الحياة، بعد أيام طويلة من التعب، عاشها متنقلًا بين منزل شقيقته وسريره في مستشفى مكافحة السرطان، محتفظًا بتواضعه حتى الرمق الأخير. ورغم غيابه الجسدي، ظلّ حضوره حيًّا بفضل فرقته التي واصلت، بعد رحيله، رسم الابتسامة على الوجوه الصغيرة، وفاءً لما أسسه وبناه بعزيمته ومحبة الناس.
عنابة اليوم لا تبكي فنانًا فقط، بل تستعيد ذاكرة مدينةٍ بكاملها كانت تصحو على ضحكته، وتنام على صوته المليء بالحنان. ترثيه كأخ وابن وابن حيّ، وتحتفظ له في قلوبها بمقعد دائم لا يغيب. فرحيله لم يُطفئ البهجة، بل حرّك فينا الحاجة إليها، وجعلنا نؤمن أن بعض الناس لا يرحلون، بل يغيّرون شكل حضورهم فقط.