صحافة المواطن تعيد رسم ملامح المهنة
دراسة ميدانية ترصد تحوّلات الممارسة الصحفية الإلكترونية المحترفة في عنابة
نوال حرزالله

تناولت الإعلامية عائشة نور الدين شنتوح، مديرة نشر جريدة "المرصاد برس"، في مذكرة ماستر أنجزتها بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة باجي مختار عنابة، واحدة من أبرز القضايا الراهنة في المشهد الإعلامي الجزائري والعربي، وهي العلاقة المتشابكة بين الصحافة الإلكترونية الاحترافية وصحافة المواطن، في ظل بيئة رقمية متسارعة فرضت على الصحافة إعادة التفكير في دورها ومهامها.
جاءت الدراسة تحت عنوان: "الممارسة الصحفية الإلكترونية في ظل صحافة المواطن: دراسة ميدانية على صحفيي ولاية عنابة"، واعتمدت منهجًا وصفيًا وتحليليًا لعينة مكونة من 41 صحفيًا ينشطون في الإعلام الرقمي المحلي، بهدف رصد تحوّلات الممارسة الميدانية، خاصة مع تزايد اعتماد الصحفيين على المحتوى المواطناتي، وما يرافق ذلك من تحديات تتعلق بسرعة النشر، وتدقيق المعلومات، وضبط السرديات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
أظهرت نتائج الدراسة أن الصحفي لم يعد يكتفي بنقل الخبر، بل بات يؤدي أدوارًا مركّبة كمحرر، ومحقق رقمي، ومدقق للمعلومات المغلوطة، في وقت تراجعت فيه سطوة المؤسسات الإعلامية التقليدية لصالح التفاعل السريع والمباشر عبر المنصات الرقمية. كما عبّر الصحفيون المستجوبون عن حاجة ملحة إلى تطوير مهارات التحقق الرقمي، لمواجهة ضغط جمهور رقمي متطلب وسريع التلقي، مع الحفاظ في الوقت ذاته على المعايير المهنية والموثوقية التحريرية.
نُوقشت المذكرة أمام لجنة علمية ضمت الأستاذة بهية جعيمة كرئيسة، والأستاذة خديجة بوشربط كمشرفة، والأستاذة غنية جمال كممتحنة، وقد نوّهت اللجنة بجودة الطرح ومنهجيته وتحليله المرتكز على الواقع الميداني، ومنحت صاحبة المذكرة تقدير "جيد جدًا".
وفي تصريح خاص للمرصاد برس عبّرت الباحثة عن عمق ارتباطها بالمجال الإعلامي، مشيرة إلى أن هذه التجربة الأكاديمية لم تكن مجرد مسار دراسي، بل عودة واعية لفهم أعمق للمهنة، قائلة:
"إيماني بالله كان النور الذي قادني وسط كل التحديات... لم أعد فقط لنيل شهادة، بل لأكمل ما بدأته عن قناعة بأن الفهم العميق لما نمارسه هو السبيل لصناعة تأثير حقيقي. مررت بلحظات صعبة، لكنني تمسكت بفكرتي، واليوم هذا الإنجاز هو بداية جديدة."
وبهذا الخطاب المشبع بالإرادة والمعرفة والإيمان، تجسّد تجربة الإعلامية عائشة نور الدين شنتوح مثالًا على أن العودة إلى مقاعد الدراسة لا ترتبط بعامل الزمن، بل بقوة الفكرة، وصدق الإيمان برسالة الإعلام كوسيلة للتأثير والتغيير.