متخصصون يناقشون حتمية تطوير الاتصال السياحي في الجزائر من أجل تنمية مستدامة
عائشة نورالدين شنتوح
انطلقت اليوم الأربعاء فعاليات الملتقى الوطني الموسوم بـ"الاتصال السياحي في الجزائر حتمية التطوير من أجل تنمية سياحية مستدامة "، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة باجي مختار عنابة.
الملتقى الذي نظمه مخبر دراسات وأبحاث في الاتصال، جمع نخبة من الأكاديميين والخبراء من مختلف أنحاء الوطن لمناقشة استراتيجيات مبتكرة لجعل الاتصال السياحي محورًا رئيسيًا في تطوير القطاع السياحي، بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية والرقمية الحديثة.
افتتح فعاليات الملتقى كل من نائبة عميدة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية يخلف لمياء و الأستاذة الدكتورة شمس ضيات خلفلاوي رئيسة مخبر دراسات و أبحاث في الاتصال، الأستاذة الدكتورة وحيدة سعدي رئيسة فرقة الاتصال السياحي ، الأستاذ عبد الرزاق فنغور رئيس قسم علوم الإعلام والاتصال الدكتورة رشيدة حازم رئيسة الملتقى .
صرّحت الأستاذة الدكتورة سعدي وحيدة رئيسة فرقة الاتصال السياحي ، خلال كلمة ألقتها في جلسة افتتاح الملتقى أن مخبر دراسات وأبحاث في الاتصال يسعى بكل السبل إلى الإلمام بالكثير من الإشكاليات ذات العلاقة بالتنمية ،أين يكون الاتصال محورا أساسيا وفاعلا في هذا المجال ، مؤكدة على أهمية تدريب الطلبة ليصبحوا أدوات فاعلة في تطوير السياحة الجزائرية، وتحويلها إلى قطاع اقتصادي حيوي.
وأضافت الأستاذة الدكتورة سعدي أن الجزائر، باعتبارها دولة ريعية تعتمد على الطاقة، أدركت ضرورة تنويع مواردها الاقتصادية لتجنب ما وصفته بـ"التنمية العرجاء"، ورأت أن السياحة قادرة على أن تكون صناعة نظيفة ومزدهرة تساهم في خفض نسبة البطالة ورفع مستوى الميزان التجاري للبلاد، ما يتطلب بناء مهارات وكفاءات لتفعيل هذا القطاع.
وفي مداخلة ألقتها الدكتورة رشيدة حازم رئيسة الملتقى قالت إن الاتصال السياحي يعتبرنشاطًا معلوماتيًا أساسيًا في توفير البيانات والمعطيات التي تخص القطاع السياحي، وهو ما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية فعّالة تساهم في تنمية القطاع.
وأردفت الدكتورة حازم في هذا الشأن بأن الاتصال السياحي يساهم في تعزيز الوعي الاجتماعي بالثقافة السياحية ويعمل على نشرها وتبادلها بين مختلف المجتمعات ،ولا يقتصر دوره في رفع الوعي الاجتماعي والثقافي فحسب، بل يسهم أيضًا في تحفيز السياحة على المستويين المحلي والدولي. فمن خلال استراتيجيات الاتصال الفعالة، يمكن للجزائر أن تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم وتُسهم في تنشيط السياحة المحلية، مما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني.
يهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على الاستراتيجيات الاتصالية الفعّالة التي يمكن أن يعتمدها القطاع السياحي في الجزائر لتحسين خدماته وتعزيز مكانته في السوق المحلي والدولي، كما يتم التركيز على تقييم واقع الاتصال السياحي في الجزائر في ظل البيئة الاتصالية الحديثة، بهدف تطوير هذه الاستراتيجيات بما يتماشى مع تطور القطاع السياحي في البلاد.
إلى جانب ذلك، يسعى الملتقى إلى خلق جو من التعاون بين الباحثين والمختصين في مجال الاتصال السياحي، لتبادل الخبرات والأفكار التي من شأنها تعزيز فعالية الاتصال في خدمة السياحة، كما يتطلع المشاركون في الملتقى إلى الاستفادة من التجارب العملية الناجحة في هذا المجال على المستوى المحلي والدولي، لتطبيقها بما يتناسب مع خصوصيات الجزائر.
أكدت الدكتورة خديجة بوشربط عضوة باللجنة العلمية والتنظيمية للملتقى في مداخلتها أن "السياحة الحلال" التي تركز على توفير وجهات سياحية للعائلات المسلمة، قد أصبحت في السنوات الأخيرة أحد التوجهات السياحية الجديدة التي فرضت نفسها بقوة على الساحة الدولية.
وأوضحت أن هذا النوع من السياحة لم يعد حكراً على الدول الإسلامية فقط، بل أصبح هدفاً للعديد من الدول لجذب السياح المسلمين، ما دفع الدول والمنظمات ورجال الأعمال للاستثمار في هذا القطاع، لما له من مزايا متعددة على مستوى الإيرادات التي تحققها.
وأبرزت الأستاذة بوشربط الدور الذي يلعبه الفايسبوك في الترويج للسياحة بشكل عام، وللسياحة الحلال بشكل خاص، من خلال إظهار المعالم ذات الطابع الإسلامي وإعطاء صورة حقيقية عن السياحة الإسلامية بعيداً عن المغالطات، وهو ما يفرض ضرورة الاهتمام بالسياحة الحلال ودفع القائمين على الشؤون السياحية للاستثمار فيها."
أشارت الدكتورة نسمة مهشي رئيسة اللجنة التنظيمية للملتقى إلى تطور مفهوم الاتصال السياحي مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية، معتبرة أن دولًا عديدة استطاعت استغلال الإعلام الرقمي للترويج لقطاعاتها السياحية، في حين أن الجزائر لا تزال متأخرة في هذا المجال
وأضافت الدكتورة مهشي الملتقى ناقش التحديات والعوائق التي تواجه الاتصال السياحي في الجزائر، مع استعراض تجارب عربية ودولية ناجحة ، مؤكدة أن الجلسات شهدت حضورًا متميزًا من الطلبة وأساتذة من مختلف التخصصات.
في ذات السياق، تحدثت عن أهمية الربط بين المقاولاتية والاتصال السياحي، مشيرة إلى أن المؤسسات الناشئة بدأت تبرز في القطاع السياحي وتقدم أفكارًا مبتكرة في الترويج للسياحة ،واعتبرت أن هذه المؤسسات بتوجهها نحو الابتكار، يمكن أن تسد الفجوات الموجودة في الإعلام الرقمي والترويج للتراث الثقافي الجزائري.
أكّد الدكتور دكاني لطفي مسير الجلسات الافتراضية بمخبر دراسات وأبحاث في الاتصال على أهمية المداخلات الافتراضية التي تم تنظيمها خلال الملتقى، تناولت محاور عديدة تخص دعم القطاع السياحي وتعزيز دوره الحيوي في التنمية الوطنية، وشدد على ضرورة دمج الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة في دعم هذا القطاع وتحقيق الأهداف المرجوة.
الملتقى الوطني حول "الاتصال السياحي في الجزائر" شكّل منصة لتبادل الأفكار والاقتراحات بين الأكاديميين والخبراء، مسلطًا الضوء على أهمية الاتصال كأداة استراتيجية لدفع عجلة التنمية السياحية. ويأمل المشاركون أن يكون هذا الحدث خطوة نحو تحقيق رؤية الجزائر كوجهة سياحية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي.